نعرض في هذا الجزء من فيلم (النوع المميز) أدلة أن الماء يبدي بمختلف صفاته تناسبًا مع نمط الحياة المعتمد على الكربون الموجود على الأرض. فكل خصيصة من خصائص الماء الكيميائية والفيزيائية تَظْهرُ ملائِمةً بطريقة مثلى ليس فقط للحياة المجهرية، بل أيضًا للكائنات الحية الكبيرة ذات الدم الحار كالثديات، بالإضافة لدوره في إيجاد واستمرار البيئة المستقرة كيميائيًا وفيزيائيًا على سطح الأرض؛ وسندرس أيضًا خصائص الماء الحرارية، والتوتر السطحي، وقدرته على حل عدد واسع من المواد المختلفة، ولزوجته المنخفضة التي تسمح بدخول وخروج الجزئيات الصغيرة من وإلى الخلايا بالانتشار البسيط، والتي تتيح عمل جهاز الدوران.
لو لم تكن خواص الماء تقريبًا بهذه الدقة؛ لكان وجود الحياة المعتمدة على الكربون مستحيلًا، بل إن لزوجة الثلج أيضًا ملائمة لدعم الحياة، فلو كانت لزوجته أكبر فلربما احتُبس ماء الأرض كله في صفائح ثلجية كبيرة غير متحركة في القطبين، ولو أنَّ خواص الماء الحرارية اختلفت قليلًا؛ لتعذر الحفاظ على حرارة أجسام الكائنات ذوات الدم الحار.
لا يوجد أي سائل آخر في الوجود له صفات قريبة من صفات الماء، تجعله صالحًا كوسط مثالي لحياة معتمدة على الكربون. وحقيقة الأمر أنَّ خصائص الماء بمفردها تقدم دليلًا، ربما يعادل ما قدَّمه علماء الفيزياء والكونيات لدعم الفرضية القائلة بأنَّ قوانين الطبيعة قد أُحكمت بشكلٍ خاص يناسب الحياة المعتمدة على الكربون.
تتجلى صفة الجحود لدى الملحد في أوضح صورها حينما يطالع مواد كهذه. فكل هذا النظام وكل هذا الإتقان وكل هذه الخصائص المعقدة المركبة المتشابكة المضبوطة ضبطا دقيقا، لا يمكن أن تكون قد أتت بالصدفة! فما هو التفسير الذي يقدمه الملحد؟
يهتف الملحد سريعا؛ أين الدليل على أن الخالق هو الإله الذي يؤمن به المسلمون؟
هو بدون أن يشعر سلم لنا بأن مشكلته لا علاقة لها بالعلم، وسواء كان يشعر أو لا يشعر فقد أظهر صفة الجحود المتمكنة من نفسه بأوضح دليل. فالأدلة الدامغة على وجود الإله، تقتضي منه التسليم بوجود الإله ومن ثم البحث عن أدلة كل دين، ولكنه يتخذ من رفضه لدينه (سواء كان الإسلام أو المسيحية أو غيرها) سببا لإنكار وجود الإله، أو إن كان موجودا فلا بد أن يكون غير عابء بالبشر!
(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ).
نسأل الله لهم الهداية، ولنا السلامة، مشاهدة ممتعة.