لماذا هذا الكتاب؟!
ما السبب وراء ظهور الحياة؟ ما السبب وراء ظهور الأنواع؟ ما السبب وراء وجود هذا القدر المتنوع من المعلومات البيولوجية؟
حسم داروين أمره في (أصل الأنواع)، في طرح رؤية لاغائية للإجابة عن تلك الأسئلة، فالإجابة عن أسئلة السبب عنده بسيطة للغاية، إنها الصدفة العشوائية. لكن في هذا الكتاب يطرح ماير رؤية مختلفة تماما لنشأة الحياة، مستعملا نفس المنهج الذي اتبعه داروين في دراسة الأحداث غير المتكررة في الماضي السحيق.
بعد إرساء عالم الكيمياء الحيوية (مايكل بيهي) لمفهوم التعقيد غير القابل للاختزال كدليل على التصميم الذكي، في كتابه الرائع (صندوق داروين الأسود).[1] وتطوير الفيلسوف وعالم الرياضيات (ويليام ديمبسكي) لطريقة إحصائية لتمييز إنتاج الذكاء عن إنتاج الصدفة فيما يعرف بمفهوم التعقيد المتخصص، في كتابه المراجع من قبل الأقران (استنتاج التصميم).[2] يأتي ماير هنا لتطوير أساس متكامل لنظرية التصميم الذكي، انطلاقا من حجة المعلومات البيولوجية الموجودة في شريط الحمض النووي (الدنا DNA).
التعقيدات المذهلة في الدنا أثارت شغف ماير لسنين طويلة، وعاش معها قصة لغز يرويه في صفحات هذا الكتاب. وهي ليست رواية بقدر ما هي تأريخ لبحث عاشه ماير بنفسه، فهو بمجرد ما سمع عن النقاش الدائر في هذا المجال، غير مجال حياته المهنية تماما، لينتهي به المطاف في الحصول على الدكتوراه في (فلسفة وتاريخ العلوم) عن أطروحته: "الأدلة والأسباب: التفسير المنهجي للبحث في أصل الحياة" في 1991، وأسس بعد ذلك البيت المؤسسي لحركة التصميم الذكي في معهد ديسكفري بواشنطن.
إن كان كتاب (شك داروين) يعد "أحدث وأشمل مراجعة للأدلة المبثوثة في كافة المجالات العلمية ذات العلاقة بدراسة الانفجار الكامبري"، فلا نبالغ إن قلنا أن هذا الكتاب يعد أشمل مرجع حديث لنظرية التصميم الذكي. يقودنا فيه ماير ببراعة خلال متاهة الأسئلة التي فتحتها الاكتشافات في البيولوجيا الجزيئية، ليكمل بنيان النظرية التي من شأنها أن تقض مضاجع الداروينية التي يروج لها الماديين منذ أكثر من قرن ونصف.
نسعد في (مركز براهين) بنشرنا لترجمة هذا المرجع الهام، وما زال القراء الكرام على موعد معنا في السنوات القادمة لإكمال نقل سلسلة المراجع الهامة لحركة التصميم الذكي، والتي تأخر نقلها للعربية كثيرا، والتي كذلك نأمل بنقلنا لها أن نثير الشغف العلمي لدى المؤيد والمعارض للتطور الدارويني في عالمنا العربي.
إدارة مركز براهين
[1] نشر الكتاب عام 1996، ونشرنا ترجمته في مركز براهين عام 2015.
[2] صدر عام 1998 عن دار جامعة كمبريدج، وستصدر ترجمته من خلال المركز بإذن الله.