لماذا هذا الكتاب؟!
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد...
فنقدم للقارئ العربي واحدًا من أهم الكتب التي نقدت النظرية الداروينية نقدًا تفصيليًا معمقًا وشاملًا، إن لم يكن أهمها على الإطلاق. ورغم كثرة ما كتب في هذا المجال، يظل هذا الكتاب رغم قِدمه النسبي أصلًا لما جاء بعده، ومنه أخذ كثيرٌ من النقاد فمستقل ومستكثر، بشكل مباشر مع الإحالة إليه تارة وبالرجوع إلى أفكاره مع إهمال ذكره تارة.
هذا وقد حظيتُ قبل أعوام بقراءة الأصل الإنجليزي للكتاب قراءة تفصيلية فاحصة فأدركتُ يقينًا دلالة عنوان الكتاب (التطور: نظرية في أزمة) على مضمونه، وأن اختيار مايكل دنتون له كان موفّقًا ودقيقًا وقبل ذلك مُطابقًا ومُصدِّقًا لثقته في تأزم النظرية وامتلائها بالثغرات والتحكُّمات التي زادت بنيانها المعرفي وهنًا إلى وهن.
ومما يميز هذا الكتاب إكثاره من النقولات المهمة عن خبراء متخصصين ومتنوعين، وغزارة مصادر المؤلف في سوق الشواهد ثم حسن سبكه للحجج تأسيسًا وتفنيدًا وترجيحًا وهو ينتزع تلك الشواهد من مظانها الصحيحة لتستقر في الموضع الصحيح.
ولو أنني خيرت لترشيح كتاب واحد فقط –للباحث الجاد– من بين سائر الكتب في نقد النظرية التطورية في صورتها المعيارية، بما في ذلك "تصميم الحياة" و"شك داروين" و"صندوق داروين الأسود" على أهميتها كلها[1]، لقررتُ بلا تردد أن يكون ذلك الكتاب كتاب مايكل دنتون هذا.
نحمد الله أولًا ما وفق إليه من خروج لهذا الكتاب في حلته العربية، ثم أشكر فريق براهين الذي عمل بلا كلل على ترجمته ومراجعته وتنسيقه وطباعته؛ وفقهم الله ونفع بهم. أخيرًا أطلب من قرائنا الكرام أن يسدوا إلينا نصحهم الصادق ونقدهم البناء حول أي ملاحظات تخص ترجمة النص ومتعلقاتها، فالكمال لله وكتابه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
عبد الله بن سعيد الشهري
رئيس مركز براهين السابق
[1] جميعها من إصدار مركز براهين، ولله الحمد.