شارك (مركز براهين) في (معرض القاهرة الدولي للكتاب) في دورته الخمسين بمركز مصر للمعارض الدولية من 23 يناير إلى 5 فبراير 2019، في جناح إصدارات مركز براهين C63 بصالة 1. أنتجنا في هذا المعرض دفعة جديدة قوية في نقد الإلحاد من الزوايا العلمية والفلسفية، لعل من أهمها ثلاثة كتب للباحث رضا زيدان تنقد الإلحاد من الزوايا الفلسفية نقدا دقيقا عميقا يضرب في الجذور، ففي كتابيه عن الأخلاق (نقد الأخلاق التطورية: ريتشارد دوكينز نموذجا) و(الأخلاق العصبية: نقد اختزال علم الأعصاب المعرفي للأخلاق) هدم قدمي الإلحاد في التنظير لإمكانية التأسيس لأخلاق موضوعية، أو حتى تفسير نشأة الأخلاق، فضلا عن تقديم انتقادات أخلاقية لأي دين أو مذهب. وفي كتابه الثالث (نحو منهج وصفي للعلم: نقد فلسفات العلم المعاصرة)؛ قدم استعراضا نقديا لفلسفات العلم، وأتبع ذلك بتقديم ملامح للمنهج الوصفي يهدم فيه أي تأسيس فلسفي من شأنه أن يقدس العلم أو يرقيه عن رتبة باقي المعارف البشرية. أيضا قدم الدكتور هشام عزمي بحثا مختصرًا عن (الإسلام والعلم) يتناول فيه أشهر القضايا المتداخلة بين الإسلام والعلم، أو تحديدا الفلسفة المادية القابعة وراء النقاط العلمية المثيرة للجدل، في محاولة لشرح سبب الاختلاف في الأصل، وجوهر الفرق بين الرؤية الإسلامية والرؤية المادية للأمور، ومن ثم عرض مقاربة منهجية للتعامل مع ذلك الاختلاف.
وفي إطار الكتب المترجمة، قدمنا للمفكر والحقوقي ويزلي سميث كتاب (الحرب على الإنسان) وهو بالرغم من أن يتناول دعاوى معاداة البشر من التيار البيئوي الراديكالي، لكنه يعطينا نافذة على تصور عملي واقعي لحياة البشر في ظل الإلحاد والداروينية. فمن يتحرك في إطار فكري لا يوجد فيه إله ولا قيمة جوهرية للإنسان ولا مرجعية أخلاقية حاكمة ولا حياة غير هذه؛ فلا استغراب أن يقع في مستنقع معاداة الجنس البشري ككل، خاصة إن كان مقتنعا أن البشر هم الوباء الأكبر على هذا الكوكب. وكذلك قدمنا للمؤرخ د. ريتشارد وايكارت الكتاب الذي طال انتظاره (من داروين إلى هتلر) خَلُص وايكارت في بحثه إلى أن الداروينية لعبت دورًا رئيسيا، ليس فقط في قيام اليوجينيا -تحسين النسل عن طريق التخلص من جينات الأعراق غير المرغوب فيها- ولكن أيضا في قيام اليوثنيجيا -القتل الرحيم-، ووأد الأطفال، والإجهاض، والإبادات العرقية. مثلّت تلك الأمور قواعد الإيمان لدى النازيين. وعلى عكس ما يشاع من أن قواعد هتلر كانت عدمية، يثبت وايكارت أن مبادئه كانت داروينية تمامًا. ثم العودة مرة أخرى للصراع ما بين نظريتي التطور والتصميم؛ قدمنا فيها هذا العام لأستاذ الكيمياء الحيوية د. مايكل بيهي كتابه الثاني (حافة التطور: البحث عن حدود الداروينية) وفي هذا الكتاب الذي طال انتظاره، يطرح بيهي أكثر من مجرد تحد للداروينية؛ حيث يطرح الدليل المباشر الأول لمسارات طفرات الطبيعة؛ والذي سيعيد تعريف المناظرة حول الداروينية بشكل كامل. وأيضا أصدرنا لعالم البيولوجيا النمائية د. جوناثان ويلز كتابه الثاني (العلم الزومبي: أيقونات التطور من جديد) وفيه يوضح ويلز أن العلم التجريبي أصبح ينحدر إلى علم زومبي؛ علم يجر قدميه متثاقلا غير مبال بمعارضة الأدلة. أيقونات التطور التي فقدت مصداقيتها وأصبحت جثة هامدة، أعيدت من الموت مرة أخرى، في ذات الوقت الذي وجدت فيه أيقونات جديدة –مزيفة مثلها– طريقها لتشاركها مكانتها. وهنا يسأل ويلز نقاده سؤالا بسيطا: إن كانت الأيقونات مجرد أخطاء غير مقصودة، لماذا الكثير منهم ما زال موجودا حتى الآن؟ ويعلق بيهي؛ أنه "إذا كانت هذه هي الأمثلة الأفضل" على صحة التطور "إذن النظرية نفسها ميتة". الكتاب ممتع في القراءة، بل لعله هو الأكثر إمتاعا ما بين الكتب الشبيهة، وسعدنا فعلا بخروج ترجمته من خلالنا.
وكالعادة، لا ننسى شكر القراء والزوار الكرام على دعمهم ودعائهم المستمر، والحمدلله أولا وآخرا.